الخميس، 23 مارس 2017

حقيقة قصة "خولة بنت ثعلبة" مع الرسول صلى الله عليه وسلم

ردا على السيسى

 حقيقة قصة "خولة بنت ثعلبة" مع الرسول صلى الله عليه وسلم

كتب محمود خليل:

ذكر عبد الفتاح السيسى فى معرض حديثه عن معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم للمرأة قصة خولة بنت ثعلبة, والحقيقة إنه لا حرج من ان نقص قصص الإسلام لنعتبر ونتعظ منها وتكون لنا نبراسا لنا فى حياتنا الدنيا وطريقا لحياتنا فى الآخرة, لكن أن نقص تلك القصص بشىء من السخرية أو محاولة إظهار النبى صلى الله عليه وسلم ضيقه بالمرأة المسلمة أو بمن يسأله ويستفتيه وكرر كثيرا إنه أشاح بوجهه عن المرأة أكثر من مرة, وظهر من كلامه إنه يوحى إلى أن النبى صلى الله عليه وسلم لا يعلم كيف يرد على السيدة, مع أن النبى صلى الله عليه وسلم لا يريد أن يقضى أو يفتى بشىء لم ينزل به حكم من الله تعالى, وهذا يتضح من رد الله تعالى بالقرآن على تلك السيدة, وحينما نزل الحكم الربانى نادى النبى صلى الله عليه وسلم المرأة وابلغها بحكم الله تعالى.
هل تعلمون من هى خولة بنت ثعلبة ؟
أنها المرأة التي نزلت فيها الآيات الأولى من سورة المجادلة. حيث نادت ربها: "اللهم إني أشكو إليك ما نزل فيّ" فأنزل الله تعالى قوله في سورة المجادلة:
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ". 
هي خولة بنت ثعلبة بن أصرم بن فهد بن ثعلبة بن غنم بن عوف من ربات الفصاحة والبلاغة والجمال وصاحبة النسب الرفيع، زوجها هو أوس بن الصامت أخو عبادة بن الصامت  . وهو ممن شهدو أحد وبدرا ، وأغلب الغزوات مع رسول الله, صلى الله عليه وسلم . وأنجبت منه زوجته خولة ولدهما الربيع بن أوس.
أما القصة كما حدثت وليس كما رواها السيسى, فهى كما يلى:
راجعت خولة زوجها أوس بن الصامت بشيء ما فاختلفا في ذلك وغضب منها وقال: "أنت عليَ كظهر أمي"، فقالت له زوجته خولة والدموع تنهل من عينيها لشدة ما سمعت منه :"والله لقد تكلمت بكلام عظيم، ما أدري مبلغُهُ.." ثم خرج الزوج بعد أن قال ما قال فجلس في نادي القوم ساعة ،ثم دخل عليها يراودها عن نفسها، ولكنها امتنعت حتى تعلم حكم الله، فقالت:"كلا... والذي نفس خولة بيده، لا تخلصنَّ إلي وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه ...".
خرجت خولة حتى جاءت رسول الله , صلى الله عليه وسلم، فجلست بين يديه، فذكرت له ما لقيت من زوجها، وهي بذلك تريد أن تستفتيه وتجادله في الأمر، فقالت له: "يا رسول الله، إن أوساً من قد عرفت، أبو ولدي، وابن عمي، وأحب الناس إلي، وقد عرفت ما يصيبه من اللمم وعجز مقدرته، وضعف قوته، وعي لسانه، وأحق من عاد عليه أنا بشيء إن وجدته، وأحق من عاد علي بشيء إن وجده هو، وقد قال كلمة والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر طلاقاً قال: "أنت علي كظهر أمي".
فقال رسول الله, صلى الله عليه وسلم, ما أراكِ إلا قد حرمت عليه"، والمرأة المؤمنة تعيد الكلام وتبين لرسول الله, صلى الله عليه وسلم, ما قد يصيبها وابنها إذا افترقت عن زوجها، وفي كل مرة يقول لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أراكِ إلا قد حرمت عليه".
وأزاحت الصحابية الجليلة المؤمنة الصابرة نفسها واتجهت نحو الكعبة المشرفة، ورفعت يديها إلى السماء وفي قلبها حزن وأسى، وفي عينيها دموع وحسرة، قائلة: "اللهم إني أشكو إليك شدة وجدي، وما شقّ علي من فراقه، اللهم أنزل على لسان نبيك ما يكون فيه فرج." تقول السيدة عائشة , رضى الله عنها, وهي تصف لنا حالة خولة:
"فلقد بكيت وبكى من كان منها ومن أهل البيت رحمةً لها ورقة عليها".

وما كادت تفرغ من دعائها حتى تغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يتغشاه عند نزول الوحي، ثم سرى عنه. فقال رسول الله , صلى الله عليه وسلم, " يا خولة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك قرأنا", ثم قرأ عليها:
 "قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ  الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ  وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ  فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ". 
ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم كفارة الظهار, فقال النبى صلى الله عليه وسلم, "قد أصبت وأحسنت فاذهبي فتصدقي به عنه، ثم استوصي بابن عمك خيرا", ففعلت.
ونهضت خولة  لتعود إلى زوجها، فتجده جالساً جانب الباب ينتظرها، فقال لها :
يا خولة ما وراءكِ ؟
فقالت والفرحة على وجهها :
"خيراً ...", وشرحت له ما قال لها الرسول , صلى الله عليه وسلم, لإي أمر الكفارة.


السبت، 11 أبريل 2015

الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فى التوراة والإنجيل

الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فى التوراة والإنجيل

كتب محمود خليل:
الإسلام هو طريق النجاة وهو الحياة البديلة وهو المشروع الأبدي الذى لا يبلى ولا تنقضي صلاحيته، وإذا رآه البعض قديماً هكذا فهو أيضاً كذلك فى المستقبل لا يحدّه زمان ولا مكان، فالإسلام ليس موجة فكرية ولا موضة، فرسالة الإسلام تدعو إلى نفسها بنفسها، يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار … إنها رسالة الفطرة السليمة والأخلاق الكريمة، والسياسة الحكيمة، فلماذا لا تكون رسالة الإنسانية كلها، لماذا لا تعتنقها البشرية جمعاء.  
وهذا ليس ادعاء وليس كلام نطلقه لعى عواهنه بل هو منهج الله وحده الذى يُعنى بإشباع حاجات الإنسان كله، جسمه وعقله وروحه، ويهتم بالإنسان فرداً وعضواً في أسرة، وعضواً في مجتمع، يهتم بالإنسان طفلاً، وشاباً، وشيخاً.. رجلاً وامرأةالإنسان كونه إنسان
   وكان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أميناً في تبليغ رسالة ربه كلها، فلم يُخف من القرآن المنزل عليه آية، ولو لم يكن رسولا ونبياً مرسلا من قبل المولى عز وجل لما وجدنا في القرآن سورة (مريم وآل عمران).. لو لم يكن نبياً لكتم آياتٍ كثيرةً مثل هذه الآية} وإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلى نِسَاء الْعَالَمِينَ { ولو لم يكن رسولاً من الله ما أظهر هذا القول في هذا المجال بحال والعجيب حقاً أن يتكرر الذكر العاطر للسيدة مريم كثيراً في القرآن من دون أن يذكر اسم والدة محمد صلى الله عليه وسلم فهل لو كان القرآن من عند محمد فهل كان سيَفصلَه عن ذاته فيغفل ذكر أمه ثم يثني على أم رسول آخر ألا تدل هذه الظاهرة على أن القرآن الكريم قد صدر عن أفق أعلى من ذات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم  ودارس القرآن يدرك أن القرآن ذكر قصة مولد سيدنا عيسى عليه السلام وحياته وحتى مماته وذلك لأن مولده ومماته كانت بطريقة خارجة عن المألوف ولأن المولى عز وجل يعلم أنه فى مستقبل الأيام سيختلف حول عيسى وسيمجده البعض ويؤلهه آخرون, فأراد المولى عز وجل أن يقيم على هؤلاء الحجة فبعث رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن وبالإسلام كما أشارت التوراة والإنجيل إلى ذلك قبل عدة قرون من بعثته الشريفة.
الغريب أن القرآن الكريم الذى نزل على هذا الرسول الأمى لم يذكر قصة مولده صلى الله عليه وسلم، لأنه كان ميلاداً طبيعياً، وهذا من أظهر الأدلة على أن القرآن ليس من عنده ، وألا لاهتم الرسول محمد بمولده أكثر من اهتمامه بمولد عيسى النبى الذى سبقه, ولأهتم بوالدته أكثر من اهتمامه بأم ذلك النبى, ولأهتم بزوجته خديجة وخلدها بذكر اسمها فى القرآن الكريم بدلا من تخليد اسم سيدتنا مريم, وذلك بحكم النفس والطبيعة البشرية, فأي صدق وأية دلالة أكثر من ذلك على مصدر هذا القرآن وصدق هذا النبي الأمين؟ إنه يتلقى الحق من ربه عن مريم وعن عيسى عليه الصلاة والسلام فيعلنه للعالمين, ولا يخفى منه شيئا.
 و لقد كان القرآن معجزة الإسلام الكبرى، وكان الرسول بذاته وأخلاقه وسيرته وانتشار دعوته معجزة الإسلام الثانية، وحق للذات التي تجمعت فيها جميع الفضائل الإنسانية العليا أن تكون معجزة الإنسانية الخالدة.
لقد أنزل الله تعالى (الإنجيل) على سيدنا عيسى }وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ { وكلمة (الإنجيل) تعني باليونانية (الخبر الطيب) أو (البشارة الطيبة) ويبدو أنه قد سمي بهذا الاسم لأنه كان آخر كتاب سماوي بشَّر باقتراب موعد نزول الكتاب الإلهي الخالد (القرآن الكريم)، ولأنه بشَّر أيضاً بقرب بعثة الرسول الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم، بدليل قول المسيح عليه السلام }يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ {
والمسلم لا يكون مسلماً أبداً إن لم يؤمن بأنبياء الله كلهم كإيمانه برسولهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا كفر بواحد منهم، أو تناوله بكلمة سوء واحدة، فقد انسلخ عن الإسلام، فمن لا يؤمن برسول من الرسل الكرام هو كمن لا يؤمن به كلهم, وتاريخ المسلم هو تاريخ الرسالات السماوية كلها، فهو يؤمن بإبراهيم وموسى وعيسى، وبالتوراة والإنجيل كإيمانه بمحمد وبالقرآن سواء بسواء، قال الله تعالى} وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ{ والمسلمون يقولون كلما ذكر عيسى أو موسى أو هارون أو داوود أو نوح أو إبراهيم عليه الصلاة والسلام.  
    يقول الشاعر الهندي طاغور : لم ينكر الرسول قصص الأنبياء قبله، بل تركها كما أملاها الوحي ليظل شاهداً على صدقه وأمانته وإخلاصه.
ويقول الفيلسوف برناردشو: إن أتباع محمد أوفر أدباً في كلامهم عن المسيح. 
ولقد عبر الرسول الكريم عن ذلك فى أحاديثه الشريفة فقد جاء فيها:
الأنبياء إخوة..دينهم واحد..وأنا أولى الناس بعيسى بن مريم, لأنه لم يكن بيني وبينه نبي,
 بشّر هذه الأمة بالسناء, والدين والرفعة والنصر والتمكين في الأرض.
لَيبلغَنَّ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار, ولا يترك الله بيت مَدَر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين, بعز عزيز أو بذل ذليل, عزاً يُعزّ الله به الإسلام, وذلاً يذل به الكفر.
لا يزال هذا الدين ظاهراً على كل من ناوَأَه حتى يقوم الدين وأهله ظاهرون .
إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها, وإن أمتي سيبلغ ملكُها ما زُوي لي منها.

من أسلم من أهل الكتاب, فله أجره مرتين, وله ما لنا وعليه ما علينا.
والله ما أنا بأقدر أن أدع ما بُعثت به من أن يُشعل أحدكم من هذه الشمس شعلة نار.
ومن يتأمل فى نبوّة محمد سوف يتأكد أنها نبوّة صدق وأمانة وإيمان، نبوة تدعو إلى فهم ووعي وهداية، هداية بالتفكر والتأمل والنظر والتمعن فلا يُخشى على الإسلام من حرية الفكر، بل يخشى عليه من اعتقال الفكر.
إنها نبوة مبشرة منذرة { إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }{ قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ }، فمن لا يصدق هذه النبوة فلن يصدق أي خبر عن الإيمان أو الوجود، ومن لا ينتفع بعقله وضميره للإيمان بهذه النبوة فلن تنفعه كل المعجزات .
وبناء على ما ذكرنا كان الأولى بالمسيحيين أن يؤمنوا بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم ويسلموا أو يطبعوا وينشروا القرآن الكريم أو سورتي مريم وآل عمران في أضعف الإيمان, ويتدارسوها ليعلموا أن من يعتقدونه ليس من الدين فى شىء وإن ما يعتقدونه كتابا مقدسا ليس فيه من القداسة شىء لأنه عبارة عن قصص ورسالات كتبها من كانوا يؤمنون بعيسى عليه السلام كنبى وأن ما يطلقون عليه ديانة مسيحية ما هى ألا ديانة بولس أو شاؤول اليهودى الذى انحرف بديانة عيسى عليه السلام إلى وثنيتها المعروفة حاليا بكل ما تحمله من ألغاز وأفكار غامضة وأحداث جنسية مثيرة لا تليق بكتاب المفترض أن يكون أنزل من عند المولى عز وجل.
يقول د. محمد غريب: لو عرف المسيحيون الإسلام وأسلموا لأكرموا المسيح عليه السلام أكثر.
يقول م. كويت قد شب أغلب الغربيين على كراهية الإسلام، بينما شب المسلمون على حب المسيح والإنجيل المنزل عليه.
يقول أستاذ الفلسفة راما كريشنا راو: إن إلقاء نظرة على شخصية محمد تسمح لنا بالإطلاع على عدد كبير من المشاهد: فهناك محمد الرسول، ومحمد المجاهد، ومحمد الحاكم، ومحمد الخطيب، ومحمد المصلح، ومحمد ملجأ الأيتام، ومحمد محرر العبيد، ومحمد حامي المرأة، ومحمد القاضي، ومحمد العابد لله .. كل هذه الأدوار الرائعة تجعل منه أسوة للروح الإنسـانية.
 ويقول محمد حسن الزيات: لما بُعث الرسول الكريم بَعث الحرية من قبرها، وأطلق العقول من أسرها، وجعل التنافس في الخير، والتعاون على البر، ثم وصل بين القلوب بالمؤاخاة، وعدل بين الحقوق بالمساواة .. حتى شعر الضعيف أن جند الله قوته، والفقير أن بيت المال ثروتـه والوحيد أن المؤمنين جميعاً إخوته.
ويقول البريطاني أرسكين تشايلدرز: إن العلاقة بين المسلمين وغيرهم لم تكن متوازنة من البداية فقد اعترف الإسلام بالديانات السماوية واعتبر الإيمان بأنبيائها جزءاً من سلامة اعتقاد المسلم، في حين أن أهل هذه الأديان لم يعترفوا بالإسلام ولم يهادنوه يوماً.
ويقول رينيه ديكارت: نحن والمسلمون في هذه الحياة.. ولكنهم يعملون بالرسالتين العيسوية والمحمدية، ونحن لا نعمل بالثانية، ولو أنصفنا لكنا معهم جنباً إلى جنب لأن رسالتهم فيها ما يتلاءم مع كل زمان.
ولقد وصف القرآن الكريم ولخص كل تلك القوال والأحداث فى آياته الكريمة:
 }َتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ ، وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ،وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ {
 }وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ {
 }قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ {
 }وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ {
 }فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء{
}الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا {
والمدهش حقا أن يخرج علينا اليهود والنصارى المسيحيون ناكرين نبوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم غير مدركين أن كتبهم التى بين أيديهم –رغم تحريفها- جاءت لتؤكد نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
جاء فى التوراة:
"جاء أمر الرب من سيناء, و أشرق من سعير , وتلألأ من جبل فاران –الحجاز- ومعه عشرة آلاف قدّيس, وفي يمينه نار شريعة لهم"
"بعد المسيح يأتي نبي عربي من بلاد فاران, وعلى اليهود أن يتبعوه, فإنه النبي المنتظر، وعلامته أنه ينجو من القتل , ثم يعود بعد ذلك بعشرة آلاف قدّيس"
"وحيٌ من جهة بلاد العرب, يا سكّان أرض تيماء، و في سنة يفنى كل مجد قيدارأي عدنان"
"هوذا عبدي ومختاري الذي أعضُدُه . وضعتُ روحي عليه ليخرجَ الحق للأمم… لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الأرض، وتنتظر الممالك شريعته لِترفع البرية ومدنها صوتها, والديار التي سكنها قيدار لتترنّم, وسكان (سلع) -جبل بيثرب- من على رؤوس الجبال ليهتفوا ويمجّدوا  الربّ تمجيداً, ولينشروا تسبيحه في الآفاق"
"سوف يأتي حِمَدا لكل الأمم, وفي هذا المكان أُعطي السلام"
وتحدث الإنجيل عن ذلك النبى فقال:
"أقول لكم الحق : إنه خيرٌ لكم أن أنطلق, لأني إن لم أنطلق لم يأتكم الفارقليط –الأكثر حمداً أي الأحمد-فأمّا إن انطلقت أرسلته إليكم..فإذا جاء فهو يعلّمكم جميع الحق ، لأنه ليس ينطق من عنده"
"عزائي في مجيء الرسول الذي سيبيد كل رأي كاذب فيّ, وسيمتد دينه ويعم العالم بأسره, لأنه هكذا وعد الله أبانا إبراهيم, وإن ما يعزيني هو أن لا نهاية لدينه لأن الله سيحفظه صحيحاً"
"أجاب يسوع إن اسمه عجيب, لأن الله نفسه سمّاه لمّا خلقه, وإن اسمه المبارك محمد. حينئذ رفع الجمهور أصواتهم قائلين: يا الله أرسل لنا رسولك, يا محمد تعال سريعاً لخلاص العالم"
"متى جاء رسول الله يحمل خلاصاً ورحمة لأمم الأرض, الذين يقبلون تعليمه, وسيأتي بقوة على الظالمين, ويبيد عبادة الأصنام"
"إن موسى قال للآباء: إنّ نبياً مثلي سيقيم لكم الربُّ إلهكم من إخوتكم –العرب- له تسمعون في كل ما يكلمكم به"

فهل يريد اليهود والنصارى بعد ذلك دليلا على معتقداتهم الواهية, وهل يريدون أكثر من ذلك للدلالة على صدق نبوة الصادق الأمين محمد عليه الصلاة وأتم التسلم؟.. ولكن من الواضح أنهم لا يقرأون وحتى إن قراءوا فعلى قلوبهم أقفالها وقرون من هيمنة القسس الذين لا يدعون لهم فرصة للتأمل والتدبر والتفكر فلقد احتكر الكهنة الدين وعلى باقى الأتباع الإيمان بما يمليه الكاهن ومن يشرد عن القطيع فقد كفر ويجب تفكيره.. منتهى المأساة أن يحجر إنسان مثلى على فكرى وعقلى ويحدد لى طريقى فى الحياة والعقيدة التى أؤمن بها والرسول الذى اتبعه ولا يمنحنى الفرصة للسؤال والحوار والمناقشة.. كان الله فى عون هؤلاء المسيحيون.