الأربعاء، 30 مارس 2011

متى غسلت عيونك أخر مرة؟


ما أحلاها من دموع
متى غسلت عيونك أخر مرة؟

كتبت محمود خليل:
إن النفس أمارة بالسوء فإن عصتك في الطاعة فاعصها أنت عن المعصية، لسانك وعينك، بحاجة إلي لجام شديد لكي تسيطر عليهما, أفتعصي اللهَ وترجُ جنتَه. فكم من شهوة ساعة أورثت ذلا طويلا، وكم من ذنب حرم قيام الليل سنين, وكم من نظرة حرمت صاحبها نور البصيرة.
يقول الله تعالى: "أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ الَّلهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ" الحديد 16
ويقول رسُولُ الَّله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ الّلَهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلا ظلُّهُ: إِمامٌ عادِلٌ، وشابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ الّله تَعالى، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّق بالمَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا في الَّله، اجتَمَعا عَلَيهِ وتَفَرَّقَا عَلَيهِ، وَرَجَلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمالٍ، فَقَالَ: إِنّي أَخافُ الَّله، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةَ فأَخْفاها حتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمالهُ ما تُنْفِقُ يَمِينهُ، ورَجُلٌ ذَكَرَ الَّله خالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ"
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين بات تحرس في سبيل الله".
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين وأثرين: قطرة من دموع خشية الله، وقطرة دم تهرق في سبيل الله"
وأما الأثران: فأثر في سبيل الله ، وأثرفي فريضة من فرائض الله.
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: اللهم إنا نعوذ بك من قلب لايخشع ومن عين لاتدمع وأذن لاتسمع ونفس لا تشبع
ويقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "لأن أدمع من خشية الله أحب إلي من أن أتصدق بألف دينار"
ويقول عقبة بن عامر قال: قلت: يارسول الله ما النجاة؟
قال :أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وأبكي على خطيئتك
يقول وهيب ابن الورد حين سئل: أيجد لذة الطاعة من يعصي؟
قال: لا.. ولا من هم. فأعظم عقوبات المعاصي حرمان لذة الطاعات وإن غفل عنها المرء لقلة بصيرته وضعف إيمانه أو لفساد قلبه..
يقول ابن الجوزي: قال بعض أحبار بني إسرائيل: يا رب كم أعصيك ولا تعاقبني؟
قيل له: كيف أعاقبك وأنت لا تدري، أليس قد حرمتك حلاوة مناجاتي؟
إذا همت نفسك بالمعصية فذكرها بالله، فإن لم ترجع فذكرها بالرجال، فإن لم ترتدع فذكرها بالفضيحة إذا علم الناس ، فإن لم ترجع فاعلم أنك في تلك الساعة قد انقلبت إلى حيوان.
يقول ابن عباس: إن للسيئة سواداً في الوجه وظلمة في القلب ووهناً ونقصاً في الرزق وبغضة في قلوب الخلق
يقول الفضيل بن عياض: بقدر ما يصغر الذنب عندك يعظم عند الله وبقدر ما يعظم عندك يصغر عند الله
يقول الإمام أحمد: سمعت بلال بن سعيد يقول لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى عظم من عصيت
يقول يحيى بن معاذ الرازي: عجبت من رجل يقول فى دعائه: اللهم لا تشمت بي الأعداء ثم هو يشمت بنفسه كل عدو فقيل له: كيف ذلك؟
قال يعصى الله ويشمت به في القيامة كل عدو
يقول أحد الصالحين: ركب الله الملائكة من عقل بلا شهوة وركب البهائم من شهوة بلا عقل وركب ابن آدم من كليهما فمن غلب عقله على شهوته فهو خير من الملائكة ومن غلبت شهوته على عقله فهو شر من البهائم.
هذا حالهم فما هو حالي وحالك؟
هل سألت نفسك يوما:
متى دمعت فيها عينيك آخر مرة ؟
هل تتذكر متى غسلت عيونك بالدموع أخر مرة وكم مرة؟
هل غسلت عيونك بالدموع قبل يوم الندم والحساب ؟
قبل أن تنطق العينان؟
قبل أن تزهق الروح؟
كم مرة غسلتها بدموع الندم ..
بدموع الحزن ..
بدموع الخوف ..
بدموع الرجاء ..
هل تتذكر كم مرة بكيت على ذنوبك ؟
على غيبتك ؟
على نميمتك ؟
على معاصيك؟
على خيانتك؟
على تركك للصلاة والنوم عنها ؟
إذا لم تكن بكيت من قبل فأبك
أبك قبل أن تشهد عليك جوارحك
قبل أن تقف في الموقف العظيم أمام الملك العلام ويقول لك:
أتتذكر ذنب كذا .. أتتذكر ذنب كذا ..
أبك قبل أن يسألك ربك: ألم تكن تظن أني أراك وأنت تعصاني؟
أما استحييت مني وأنت تختبئ عن أعين الناس وتنساني؟
أبك فإن العبد إذا وقف بين يدي سيده رحمه
أبك فان الطفل إذا بكى رحمته أمه
أبك فربنا أرحم بنا من أمهاتنا
أبك وأنت تصلي ...
أبك وأنت ساجد ..
وما ألذها دموعك بعد صلاة الفجر
وأنت في خلوتك...
أبك والناس نيام
أبك فما أحلى دموع التوبة
راجع نفسك ..
راجع ذنوبك فكلنا خطاءون .. وخير الخاطئين التوابون
أبك فإذا لم تبك على ذنوبك فمن سيبكي عليها ؟
يروى الشيخ عائص القرني هاتين القصتين عن فضل الاستغفار:
قالت امرأة: مات زوجي وأنا في الثلاثين من عمري وعندي منه خمسة أطفال بنين وبنات، فأظلمت الدنيا في عيني, وبكيت حتى خفت على بصري وندبت حظي, ويئست, وطوقني الهم ,فأبنائي صغار وليس لنا دخل يكفينا وكنت أصرف باقتصاد من بقايا مال قليل تركه لناوالدنا, وبينما أنا في غرفتي فتحت المذياع على إذاعة القران الكريم وإذا بشيخ يقول:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أكثر من الإستغفار جعل الله له من كل هم مخرجا ومن كل ضيق فرجا".
فأكثرت بعدها الإستغفار، وأمرت أبنائي بذلك, وما مر بنا والله سته أشهر- حتى جاء تخطيط مشروع على أملاك لنا قديمة - فعوضت فيها بملايين من الجنيهات, وصار ابني "الأول" على طلاب منطقته وحفظ القران كاملاً, وصار محل عناية الناس ورعايتهم وأمتلأ بيتنا خيراًوصرنا في عيشه هنيئه, وأصلح الله لي كل أبنائي وبناتي وذهب عني الهم والحزن والغم وصرت أسعد أمرأة.... نعم إنها أعجوبة الاستغفار التي غفلنا عنها.
يقول أحد الأزواج: كلما أغلظت على زوجتى أو تشاجرت أنا وهي أو صار بيني وبينها أي مشكلة أهم بالخروج من البيت من الغضب ووالله لا أفارق باب العمارة إلا وتجتاحني رغبة شديدة في الذهاب للإعتذار منها ومراضاتها
أخبرتها بذلك فقالت لي :أتعرف لماذا؟؟
قال لها: ولماذا؟
قالت بمجرد أن تخرج من الغرفة بعد شجارنا ألهج بالاستغفار, ولا أزال أستغفر حتى تأتي وتراضيني.
نعم انه الاستغفار الذي قال عنه عز وجل: "وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون"
ألا يستحق أن يكون ذلك الأمر أعجوبة!!  
سبحان الله كل ذلك يفعله الاستغفار!!
أين نحن من قوله تعالى: "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا" سورة نوح
سبحان الله أنعم الله علينا بأشياء لا نعرف قيمتها!!
فيا من طلقك زوجك ظلما.
 ويا من حرمت من الأولاد.
ويا من تريد الزواج.
يا من تريد أن تخلص نفسك من الذنوب
يا من تريد فرج الله من الهموم التي ألمت بك.
يا من ضاقت عليك الأرض من المصائب.
تذكر أن الله معك ولن يخيب رجائك بالاستغفار.
أبك واستغفر ربك, لأن جميع ما أصابنا من مصائب الدنيا إنما هو بذنوبنا.
فلنستغفرالله لتزول عنا الهموم والمصائب، ونبشر بعدها بالفرج.
"استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه".
إن من نعم المولى عز وجل الكثيرة التى لا تعد ولا تحصى نعمة الاستغفار التى لا يدرى فضلها كثيرون.
لا يدرى كثيرون أن الإستغفار يريح القلب من الهموم ويزيل الحزن والعناء, فحين تستغفر الله وتشعر بعظمة هذا الإستغفار ستنهمر الدموع من عينيك دون أن تتحكم فيها ثم تنتقل هذه الدموع لتنهمر من قلبك حتى يغتسل من كل حزن ومن كل هم.
إن الإستغفار علاقة بالله والإقرار بالذنب ورغبة فى الخلاص من الذنوب وآثارها, والذنوب تعنى فشل الإنسان فى الإلتزام بالصحيح فى الحياة وانتصار الشيطان عليه وتحوله إلى عبد للمخلوقات وهذه هى قمة الإنحطاط.
ربما لا يعرف الكثيرون هذا ولكن القلب يدرك هذا كله ويرفضه ولا يقبله لهذا تكون الذنوب ثقيلة على القلب ولهذا يسعى الإنسان صاحب الفطرة السليمة للتخلص من هذه الذنوب لأنها تكبل قلبه, الذى يظل يبحث حتى يجد الإستغفار هذا الباب الواسع الذي يزيل كل آثار الذنوب.
لذلك عندما تشعر بالذنب قل استغفر الله العظيم.. استغفر الله العظيم.. استغفر الله العظيم.. وستجد اللسان ينطلق بها تلقائيا وستجد القلب يفرح بها ويشعر بحرارتها ويرتاح ويسعد بها.

هناك تعليق واحد:

  1. ما احلاها تلك الدموع التي تبكي من خشية الله عز وجل ، اللهم اجعل بكائنا لوجهك الكريم وخشوعنا لعظمت سلطانك الكبير ، وخوفنا منك ومن عذابك الشديد ، ولا نرجو سواك احدا في العالمين ، وصلىواتك دايما على الحبيب المصتفى ،

    ردحذف